أيا كان ما تركز عليه فهو مصدر الدوبامين الخاص بك.

إذا كنت تستيقظ في الصباح وتفكر مباشرة في كوب القهوة فهذا الكوب هو من يحفز الدوبامين لديك. تقضي اليوم بطوله تفكر في قطع الشوكولاته الموجودة في الدرج وفي نوع الشوكلاته الجديد الذي ستشتريه وأين ستأكل الحلوى بالكريمة نهاية الأسبوع، فتأكد أنك تستمده من السكر وما جاوره.

هذا ليس مقالا طبيا، هذا مقال سيغير اتجاه حياتك.

لو كنت تعاني حاليا من وزن زائد ووضعت ضمن أهدافك لسنة 2023 أن تخفض من هذا الوزن، مع ذلك تركيزك 24 عشرين ساعة على الأكل والشرب فأحب أن أنبئك بالنتيجة المستقبلية؛ هدفك لن يتحقق.

طالما أن تركيز عقلك في مكان غير المكان الذي تهدف إلى الوصول إليه فلن تصل!

ما هو الدوبامين؟

لكي تستوعب أكثر آخر جملة من الفقرة الأولى، دعني أخبرك بشكل بسيط ما هو.

حسب مجلة \”لايف ساينس\” (Livescience)، الدوبامين، هو نوع من الناقلات العصبية يصنعها الجسم، لتوصيل الرسائل بين الخلايا العصبية، لهذا السبب يطلق عليه \”رسول كيميائي\”. وهو أيضا الهرمون المسؤول عن الشعور بالرغبة والحافز على بذل الجهد للوصول إلى الأهداف وكسب المكافآت.

هذا التعريف لوحده يستحق مقالا كاملا من الشرح.

ما يهمك حاليا، أن هذا الهرمون  هو ما يدفعك للقيام بالشيء. إن كنت مدمنا على الأكل، التدخين، النوم المتأخر، المسلسلات، العمل المفرط، العلاقات… أيا كان الإدمان الذي تعاني منه سواء أدركت هذا أم لا، فالمسؤول المباشر عنه هو الدوباـمين.

تقول الدراسات، أنه عندما يتم إفراز هذا الهرمون بكميات كبيرة، فإنه يشعرك أنك حصلت على مكافأة، مما يحفزك على تكرار سلوك معين.

قد تقول في نفسك أنا لست مدمنا على أي شيء، لا أدخن ولا أشرب الكحول ووزني ثابت وحياتي رتيبة… أاام! أكتب في ورقة يومياتك، ما الذي تفعله كل يوم بشكل منتظم ولو كان بسيطا، تصفح الهاتف، مشاهدة حلقة من مسلسل، متابعة الأخبار، الاتصال بصديقة… بعد كتابتك لكل شيء، اسأل نفسك، هل أستطيع التوقف عن كل لهذا لأسبوع كامل؟

• هل أستطيع التوقف عن تصفح الانستقرام وسناب شات لأسبوع كامل؟
• هل استطيع عدم التفكير في الأكل وقطع الشوكولاته اللذيذة في الدرج؟

إذا كان الجواب لا، مبروك، لقد اكتشفت ما أنت مدمن عليه.
إذا كان الجواب نعم، طبق، لن تستطيع التأكد من قدرته على التوقف عن ذلك الفعل ما لم تجرب.

ما الذي نعرفه عن هذا الهرمون؟

من أكثر المعلومات إنتشارا عن الدوبامين كونه \’هرمون السعادة\’، وهذا لحد بعيد أمر خاطئ. إذا قرأت مجددا تعريف مجلة لايف ساينس، ستجد أنهم عرفوه بالهرمون المسؤول عن الشعور بالرغبة والحافز. ببساطة، الدوبامين لا يشعرك بالسعادة، وما يحفزك عليه لا يوصلك للسعادة، بل في كثير من الأحيان يخرجك عن مسار الحياة الذي تريده.

السعادة هي بحد ذاتها قرار شخصي، أنت تقرر ما إذا كنت تريد السعادة أم لا.

السبب الذي جعل الكثيرين يطلقون عليه هذا الاسم، كون الدوبامين يدفعك للقيام بشيء أنت تريده. تريد أن تمارس الرياضة فالدوبامين يحفزك لهذا. تريد تناول هامبرغر فالدوبامين يحفزك على هذا.

إذن ما الذي نستنتجه هنا؟

أنت تقرر من أين تحصل على الدوبامين.

لا شيء خارجي سيقرر عنك مصدر هرمون الدوبامين الخاص بك. لا يهمك إن كان 90 في المئة من الناس تقول أن الكافيين يحفز الدوبامين في عقلك، يعني هذا أن من لا يشرب القهوة أو الشاي لا يحصل على الدوبامين؟!

بالتأكيد لا.

من أين تحصل على الدوبامين؟

ستكون تعرفت لحد الآن على أمثلة لمصادر الدوبامين المتعارف عليها. كل أنواع الإدمانات. الأكل، التدخين، المخدرات، مشاهدة التلفاز، الإفراط في الرياضة والإفراط في العمل overworking يعد أيضا من مصادر الدوبامين.

إذا كان تفكيرك منصبا في العمل طوال اليوم، وتتجاهل الجوانب الأخرى من حياتك فهذا يعني أن هذا الهرمون يفرز لديك وقت العمل فقط.

الخبر المفرح أنك الآن تستطيع تغيير المعادلة. ما دام هذا الهرمون هو المسؤول عن شعور الرغبة في فعل شيء، لماذا لا تختار أنت أن تفعل الشيء الأصح والأنسب لك؟

لماذا لا تكون هذه الرغبة وهذا التحفيز منصبا في تغيير حياتك للأفضل؟

• أن تفكر في تحسين صحتك بالأكل المتوازن والحركة والنوم الجيد بدل
• أن تفكر في قطعة الحلوى القادمة؟
• أن تفكري في تطوير شخصيتك بالدورات والكتب والاستماع لبودكاست ممتاز بدل أن تفكري في الحلقة القادمة من المسلسل؟
• أن تفكر في مشروعك الخاص بالاهتمام بفريق عملك وتعلم الماركتينغ والبحث عن عملاء جدد بدل أن تفكر في عدد المتابعين على إنستغرام؟…

اليوم لك كامل الحرية في اتخاذ القرار بشأن ما الذي سيحفزك في حياتك.

على الأغلب ستكون سمعت عن \’صيام الدوبامين\’ وهي موجة جديدة انتشرت بين المهتمين بالتكنولوجيا خصوصا في أمريكا وقد انتقلت أيضا لعالمنا العربي.

الهدف منها، التوقف عن أي ممارسة مرتبطة بالتكنولوجيا كونها تحفز لديهم الدوبامين لفترة معينة ثم يختفي مع التوقف عن هذه الممارسة.

الملاحظة الأهم في نتائج صيام الدوبامين أن الشخص حين يتوقف عما هو مدمن عليه يشعر بالملل وفقدان الشغف وبالتالي يريد العودة لإدمانه.

كل من جرب \’صيام الدوبامين\’ سيكتشف أن تغيير العادات السيئة اليومية والتي تبدو بسيطة من شأنه تغيير الحياة كاملة.

بما أننا بدأنا عاما جديدا للتو، لما لا يكون أحد أهدافك أن تطبق صيام الدوبامين لثلاث أيام أو لأسبوع ربما؟

لهذا، إذا كنت مثلا تشاهدين المسلسلات، بمجرد إنتهاء الحلقة تشعرين بالفراغ وأن هناك شيئا ناقصا وهذا يدفعك للبحث عن مسلسل آخر لملء هذا الفراغ.

دورك اليوم أن تقرر ما الذي ستملأ به الفراغ الذي يتركه غياب الدوبامين.

ما هي أعراض نقص-الدوبامين؟

زاوية أخرى من هذا الموضوع، هي الفئة التي تقول أنا خارج ما تتحدثون عنه، لا وجود لدي لهذا الهرمون، ولا شيء يحفزني. قبل أن تقرر بنفسك غياب هذا الهرمون داخل دماغك. إليك هذه الأعراض، تعرف عليها إن كانت فيك فستحتاج لجرعة دوبامين!

1. الاكتئاب والقلق المستمر
2. تقلب المزاج السريع
3. انخفاض الدافع الجنسي
4. عدم وجود الحافز
5. فقدان المتعة في تجربة شيء جديد أو في رؤية الآخرين
6. صعوبة التركيز في المدرسة أو العمل
7. اضطرابات النوم أو الأرق
8. مشاكل الجهاز الهضمي، مثل الإمساك

أعراض نقص هرمون الدوبامين تختلف من شخص لآخر، أهم ما يجب أن تنتبه له هو غياب الحافز الذي يجعلك تستيقظ من سريرك وتقول هذا اليوم سيكون رائعا!

كيف ترفع من هذا الهرمون بشكل طبيعي؟

1. قلل من تعاطي أي نوع من المخدرات
2. حافظ على نظام غذائي صحي
3. تجنب الأطعمة السريعة
4. مارس الرياضة بانتظام
5. اقضِ بعض الوقت في الخارج
6. حسن من جودة نومك
7. مارس التأمل أو اليوغا
8. تخلص من التوتر
9. حدد أهدافا واِسع لتحقيقها

أوجد لنفسك متعة حقيقية تتمثل في تحسين جودة حياتك وعلاقاتك وعملك. أنت أدرى بما تحتاج تحسينه لذلك استغل قوة الدوبامين ووجه حياتك للنسخة الأفضل منك.

يجب أن يكون كل ما تفعله لزيادة الدوبامين لديك واعيا.